إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
258718 مشاهدة print word pdf
line-top
ما يتيمم له

قوله: [ويتيمم للكل للحاجة، ولما يسن له الوضوء إن تعذر] نقله صالح في الإحرام ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- تيمم لرد السلام .


الشرح: قد شرع الله التيمم بالتراب عند تعذر الماء سواء لعدمه، أو لمرض يضره استعمال الماء، ونحو ذلك، وسواء كان التيمم بدل الوضوء، أو بدل الغسل، فمتى عدم الماء أو تعذر استعماله ووجد سبب للغسل المستحب كالجمعة، والعيد، والوقوف بعرفة، والإحرام، ودخول مكة، ونحو ذلك، فإن التيمم يقوم مقام الاغتسال إذا قيل أدى القصد هو الطهارة المعنوية، أما إن قيل أن الحكمة من الاغتسال النظافة، والنشاط، وتقوية البدن على العمل، ونحو ذلك من إزالة لأوساخ التي تؤذي الناس، ويتضرر بها المصلون، فالأظهر أنه لا حاجة إلى التيمم؛ لأنه لا يحصل به شيء من النظافة، وإزالة الوسخ ونحوه.
وعلى هذا فلا داعي للتيمم عند دخوله مكة، وعند الإحرام، أو الوقوف بعرفة، ونحو ذلك.
فأما إذا كان هناك حدث فأراد رفعه، أو استباحة ما لا يباح إلا بالطهارة كالصلاة فرضا، أو نفلا، أو الطواف، ومس المصحف، وقراءة القرآن للجنب، أو الحاجة لدخول المسجد، واللبث فيه، فمشرع التيمم لأنه يرفع الحدث رفعا مؤقتا.
فأما تيمم النبي -صلى الله عليه وسلم- لرد السلام كما رواه البخاري في كتاب التيمم عن أبي الجهيم بن الحارث بن الصمة قال: أقبل النبي -صلى الله عليه وسلم- من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه، فلم يرد عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى أقبل على الجدار، فمسح بوجهه ويديه، ثم رد عليه السلام فقد استدل به البخاري على جواز التيمم في الحضر، أي مع وجود الماء، مع جواز رد السلام بدون طهارة، لكنه أراد التشبه بالمتطهرين، أو أراد تخفيف الحدث بالتيمم لذكر الله تعالى، مع أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يذكر الله على كل أحيانه، كما ثبت ذلك في الصحيح، والله أعلم.

line-bottom